مسافر بلا وطن
فرج أبو الجود
مصري يقيم خارج مصر
ولي وطنُ ُ أُراسله حنينا
فيرجعُ منه منكسراً حنيني
يرفرف حين أذكره فؤادي
وتبكي من قساوتهِ عيوني
على أعتابه أقسمت ألا
أعود له بدين غير ديني
وإن طال الزمان فسوف يبقى
طوال العمر أغلى من جفوني
هجرتك في فجاج الأرض أمضي
بلا وطن تصارعني شجوني
ومن يحيا بلا وطن شريداً
كعود في الفلاة بلا غصون ِ
غريبُ عن ديارك يا بلادي
بأرض الله مكتوف اليدين ِ
هجرتك خائفاً قلقاً حزيناً
شريداً والدموع على جبيني
رسمتك في جبين الكون نورا
ومحرابا رسمتك في جبيني
وداعا ربما يا مصر يوماً
يعود الغائبون إلى العرين ِ
أيا مصر التي كانت سراجا
منيراً منذ آلاف السنين ِ
ويا مصر التي كانت ملاذا
ونبراسا ًوترياقَ الحزين ِ
وحاضرة الزمان تنير حسناً
يتيه على الشمائل واليمين ِ
فمن روض يميل له ظلال
وأغصان تميل على الغصون ِ
ومن ذهب السنابل حانيات ٍ
يداعبن النسيمَ على العيون ِ
وأنهارٍ كأنك في سلام ٍ
من الدنيا على عرشٍ مكين ِ
رماك الدهرُ سهماً مستبداً
فنال السهمُ قاهرةَ السنين ِ
وأدمى بين أضلعنا فؤاداً
فسال دماؤه عبر العيون ِ
فوا قلباه من سهم غشومٍ
رماك اليوم عن قوس خؤن ِ
فصارت مصر في نفق سحيقٍ
إلى المجهول تسرع في جنون ِ
مكبلة تُجرُ إلى حُتُوفٍ
بأطنان النقود من الديون ِ
وليّ ُ البؤسِ أشعلها هَتوناً
وغنى كالغراب على الهَتون ِ
شبابك يا عروس الكون أمسى
من البلوى كأثر بعد عين ِ
وصار بنوك أشتاتاً جياعاً
حيارى خلف صناع الظنون ِ
حشود كالجراد بلا طعامٍ
ولا مأوى ولا قبوٍ أمين ِ
فلا تلحظ عيونك غير بؤسٍ
وألوان من العيش المهين ِ
ونهابين لا يذرون شيئاً
كقطعان من الوحش السمين ِ
تمايلت السنون بنا فملنا
لنغرق في الهوان بلا يقين ِ
وما مصر التي كانت رخاءاً
بمصر الرابطين على البطون ِ
وقد كانت كنانة كل حرٍ
فصارت من كنايات السجون ِ
فيا وطني متى ألقاك يوماً
يحن به الشجي إلى الشجون ِ
وتلتئم الجراح بلا طبيبٍ
ويبتسم الجريح بلا أنين ِ
وأحيى فيك ياوطني عزيزاً
كريماً آمناً دنيا ودين ِ